عدد الرسائل : 767 عدد نقاط التصويت : 17 نقاط التميز : 877 تاريخ التسجيل : 17/02/2009
موضوع: وأنه هو أضحك وأبكى.. الإثنين 23 مارس 2009 - 1:52
موضوع رائع أعجبني فأحببت أن أنقله لكم .. أتركه بين يديكم ..وأدعو الله أن ينفعنا بما قرأنا
في سورة النجم يقول سبحانه في معرض إبانة فضله على عباده وقدرته جلّ وعلا في خلقه فيقول في سياق يربط القلب البشري بخالقه في الدنيا والآخرة ... في الحياة والممات ليريه سبحانه آثار مشيئته في كل حاله : ﴿ وأنه هو أضحك وأبكى ﴾ ... يقول صاحب الظلال عندما مرّ بهذه الآية : أضحك وأبكى فأودع في هذا الإنسان خاصية الضحك والبكاء وهما سر من أسرار التكوين البشري ... لا يدري أحد كيف هما ولا كيف تقعان في هذا الجهاز المعقد الذي لا يقل تركيبه وتعقيده النفسي عن تركيبه وتعقيده العضوي والذي تتداخل المؤثرات النفسية والعضوية فيه وتتشابكان وتتفاعلان في إحداث الضحك والبكاء ... فجعل في اللحظة الواحدة ضاحكين وباكيين كل حسب المؤثرات الواقعة عليه ... فهذه المشاعر والأحوال وغيرها تنبثق من خلال النص القصير ... وتتراءى للحس والشعور ويظل حشود منها تنبثق من خلاله كلما زاد رصيد النفس من التجارب وكلما تجددت عوامل الضحك والبكاء في النفوس وهذا هو الإعجاز في صورة من صوره الكثيرة في هذا القرآن فسبحان من قدّر ذلك وسبحان من أوجد في النفس طبائع تضحك أو تبكي أو تسر أو تحزن[1] ... فأكثرنا يمر على هذه الآية الكريمة ولا يلتفت إليها ... ولكن هذه الآية فيها إعجاز من الله سبحانه وتعالى فمعنى الآية أن الضحك والبكاء من الله ... وكونه من الله سبحانه وتعالى يكون لجميع خلقه ... فالله عز وجل يعطي الخلق جميعاً ... ذلك هو عدل الله ... فإذا نظرت إلى الدنيا كلها تجد أنّ الضحك والبكاء موحدان بين البشر جميعاً على اختلاف لغاتهم وجنسياتهم ... فلا توجد ضحكه أمريكية أو ضحكة أفريقية ... بل هي ضحكة واحدة للبشر جميعاً ... ولا يوجد بكاء آسيوي أو بكاء استرالي وإنما هو بكاء واحد ... ولذلك إذا اصطنع أحدنا البكاء أو الضحك فإنك تستطيع أن تميزه بسهولة عن ذلك الانفعال الطبيعي الذي يأتي من الله[2] ... وهذا ما حصل مع سيدنا يعقوب عليه السلام عندما جاء أولاده إليه عشاءً يبكون ... كما قال تعالى في سورة يوسف ﴿ وجاءوا أباهم عشاءً يبكون ﴾ .. يبكون لماذا ؟!! لأنّ سيدنا يعقوب عليه السلام وهو أباهم سمح لهم بأخذ أخيهم الصغير يوسف عليه السلام إلى التنزه ومن هنا كانت المؤامرة !! تآمروا على أخيهم الصغير لظنهم أن أباهم يحبه أكثر منهم وهم عصبة فقد كانوا أحد عشر أخاً ... تخيلوا ... كل هؤلاء تآمروا على طفل صغير ...!! اتفق إخوة يوسف عليه السلام على إلقاءه في البئر ( الجبّ ) والتخلص منه ... كما أشار عليهم أخوهم الكبير يهوذا أو روبيل ... فأخذوا يتوغلون به في الصحراء إلى منطقة مليئة بالذئاب وبدؤوا يجرونه من ثيابه وهو ينادي عليهم : إخوتي ردوا إليّ قميصي أتوارى به في هذا الجبّ فإن مت كان كفني وإن عشت ستر عورتي ... لقد كان هم الطفل أن يستر عورته !! فما بال الفتيات لا يبالين بالتكشف والسفور ؟!! انظروا إلى هذه المصيبة ... كم تساوي مصائبك بجوارها ؟! أأنتم متخيلون كل هذا الطفل الصغير يوسف عليه السلام ابن العشر سنوات !! قال لهم هذا لعلهم يشفقوا عليه ويرجعوه معهم ... ماذا لو كنت مكان يوسف عليه السلام لمدة ثلاثة أيام في هذا البئر وستفقد أهلك لمدة أربعين سنة ...!! حتى أنك لا تعرف بأنك سوف تعود إليهم يوماً وأنك ستباع كالعبيد ... وقد كنت ابن نبي معزز ومكرّم وأنت الكريم ابن الكريم ... وكل ذلك بسبب ما فعله بك إخوتك !!! هل من الممكن أن تتخيل كيف سيكون مستقبلك !! ... ﴿ وجاءوا أباهم عشاءً يبكون ﴾ المفترض أن يكون القرآن ( يتباكون ) بدلاً من ( يبكون ) ... لا ... إنما هم يبكون فعلاً حزناً على يوسف لأنهم عاشوا بمشاعرهم مع هذه الكارثة ... لقد غرق الآن ... لـقد أكلته الحيات والعقارب ... وهكذا فبدؤوا يبكون حسرة وحزناً على يوسف الصغير ... ودلت آيـة يبكون على أن بكاء المرء لا يدل على صدق مقاله لاحتمال أن يكون تصنعاً فمن الخلق من يقـدر على ذلك ومنهم من لا يقدر وقـد قـيل : إنّ الدمع الـمصنوع لا يخفى[3] ... ونلاحظ أن القرآن قد صور بدقة الانفعالات التي توجد داخل النفس البشرية ... إخوة مكروا بأخيهم وأخذوه وألقوه في الجبّ وهم يعلمون أن أباه يحبه وكان لا يأمنهم عليه فكيف يواجهونه ؟! لا بد أن يواجهوه بانفعال نفسي كذاب ولا بد أن يكون الانفعال مستوراً بظلام الليل حتى لا يكتشف الأب بما أودعه الله من نور في قلبه الانفعال المصطنع على وجه أولاده ولذلك جاؤوا وقت العشاء ليستر الظلام وجوههم حتى لا تفضحهم انفعالاتهم المصطنعة ... فاتفقوا على أن يعودوا إلى أبيهم وقت العشاء وبكاؤهم كان بكاءً مصطنعاً . فالانفعال الطبيعي في البكاء أو الضحك غريزي ليس لإنسان اختيار فيه لذلك فإنك ترى إنساناً يريد أن يخفي حزنه وبكاؤه أمام الناس ويتظاهر بالتجلد ولكن دموعه تفضحه ... وإنساناً آخر في موقف لا يصح الضحك فيه ولكنه يضحك رغماً عنه ... فالضحك والبكاء هما انفعالان وغريزتان من الله ... ولذلك يقول تبارك وتعالى ﴿ وأنه هو أضحك وأبكى ﴾ إذاً فالإنسان يستطيع أن يفتعل البكاء والضحك ولكنه لا يملك الضحك الطبيعي والبكاء الطبيعي ... إخوة يوسف أرادوا أن يستر الظلام افتعالاتهم للبكاء حتى لا يكشفهم أبوهم فلا يعرف أنهم لا يبكون ولكنهم يتباكون ... كل هذه الانفعالات التي أرادوا أن يخفـوها يفضحها ضوء النهار لذلك فقد اختاروا وقت العشاء إنهم جاءوا بالليل ليخفوا هذه الانفعالات ... ولكي تعرف هذه الحقيقة انظر إلى ما يضحك الناس أو يبكيهم ليس هناك ضحكة عربية أو ضحكة أجنبية ... ولكنها ضحكة واحدة للبشر جميعاً ... لأنها لا تخضع لإرادتهم ولكنها تخضع لمشيئة الله[4] ... ومع أن الضحك والبكاء خصلتان متضادتان تنبآن عن شعورين متباينين أيضاً مما ينتاب النفوس ويؤثر في انفعالاتها فإن سرعة تحول النفس من أحدهما إلى الآخر سر باطني من أسرار النفس لكن تغيرات النفس وعجائب تبدلها من حالة إلى حالة له مؤثرات باطنية وإيماءات وجدانية أدركت المؤثرات الحقيقية في توجيهها النفس إلى ما يسيطر على هذه الانفعالات ثم تسيير ذلك في الدرب المناسب . نموذج ذلك ما حدّثت به عائشة رضي الله عنها قالت : " بأن النبي r دعا فاطمة ، فسارّها فبكت ، ثم سارّها فضحكت ، فلما سُئلت بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه قالت : سارّني النبي r أنه يقبض في وجعه الذي توفى فيه فبكيت ، ثم سارّني أني أول أهل بيته أتبعه فضحكت[5] " . قال النووي رحمه الله تعالى : هذه معجزة ظاهرة له r بل معجزتان ، فأخبر ببقائها بعده وبأنها أول أهله لحاقاً به ، ووقع كذلك ، وضحكت سروراً بسرعة لحاقها . وفيه إيثارهم الآخرة وسرورهم بالانتقال إليها والخلاص من الدنيا والله تعالى أعلم[6] ومثل ذلك البكاء الذي هو مؤثر انفعالي من مؤثرات الجسم الداخلية عليه فيبرز الأثر صوتاً مرفوعاً وبكاءً مكتوماً ودمعاًُ منحدراً ... وهذه المؤثرات جزء من أسرار النفس البشرية العجيبة العديدة ولذا فقد رئي رسول الله r يبكي من موت ابنه إبراهيم وحقق هذا التأثير الذي يغالب النفوس منهج تربوي ديني عندمـا قال صلوات ربي وسلامه عليه : " تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا " وقوة الإيمان وحسن الاسترشاد بتعاليم الدين الإسلامي وما يحث عليه مصدر التوجيه منه : كتاب الله وسنة رسوله r هما صماما الأمان في التحكم في النفس وانفعالاتها وتوجيهها إلى الطريق الأقوى فيما يتعلق بالضحك والبكاء عند الحزن ... ﴿ وفي أنفسكم أفلا تبصرون .........................................................................................
[1]" وفي أنفسكم أفلا تبصرون " د : محمد الشويعر / ج1 /
[2] من موقع : www 55 a . com .
[3] من قراءة ورؤية جديدة في قصص الأنبياء : عمرو خالد / بتصرف / .
[4] قصص الأنبياء للشعراوي / بتصرف /
[5] وفي أنفسكم أفلا تبصرون : د . محمد الشويعر / ج 1 / بتصرف
[6] موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة : يوسف الحاج أحمد / مكتبة ابن حجر / دمشق .
صدى الصمت مشرفة القسم الإسـلامي
عدد الرسائل : 67 عدد نقاط التصويت : 1 نقاط التميز : 102 تاريخ التسجيل : 22/02/2009
موضوع: رد: وأنه هو أضحك وأبكى.. الأربعاء 25 مارس 2009 - 3:09
الحمد لله الذي اضحك وأبكى .. لو تامل الإنسان مليا في نفسه لوجد من إعجاز الله في خلقته ما تعجز عن وصفه الكلمات .. فبماذا يقابل هذا الإعجاز ؟؟؟ وبماذا يرد على هذه النعم ؟؟؟